أصحاب البدع و محاولاتهم لدفاع عن بدعهم و محدثاتهم

بينما كنت أمس أقلب في القنوات ،
إذ أنا ألتقط قناة الهداية اليبيا ، و التي كانت تبث في ذلك الوقت درسا حول
البدع و المحدثات و الإستعانة بالحديث الوارد عن رسول الله صلي الله عليه
مسلم :خير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة
ضلالة وكل ضلالة في النار ، وفسره ملقي الدرس بأن المحدثة هنا إتيان حديث
جديد لم يقله رسول الله و أنت تعلم فتعمل به ، وهذا صحيح ، وفي المقابل إعتبر الدعاء جماعة بعد الصلوات المفروضة لا يعتبر بدعة ، بل يمكن إعتباره جائز، وكذلك قراءة القرآن علي الموتي .
لأن الإنسان يمكن أن يصيب و يمكن
أن يخطأ ، و استدل علي هذا بالحديث عن عبد الله بن عمرو، وأبي هريرة رضي
الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا حكم الحاكم،
فاجتهد وأصاب، فله أجران. وإذا حكم، فاجتهد فأخطأ، فله أجر واحد" متفق
عليه.
والحقيقة هذا كله ليس سوي كلام
فارغ ، هذه الأدعية أو هذه العبادات كلها لم تتبث عن رسول الله ولا عن
أصحاب رسول الله فما حاجتنا إليها إن لم يقم بها رسول الله صلي الله عليه
وسلم ولا أصحابه ، هو الذي أوصلنا هذا الدين ، ولا يجب أن نحدث فيه أشياء
إتباعا لأهوائنا ، هذا الدين إكتمل كليا و الدليل في قوله تعالي:الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ
لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً. سورة المائدة
لو كان في هذه العبادات خير لأمرنا
بها رسول الله ، لكن في الحقيقة ليس فيها أي خير ، بل علي العكس .فمثلا
الدعاء جماعة بعد الصلوات المفروضة هي فقط فرصة لفرض الظغط علي المصلين
الذين فاتتهم أحد الركعات عن الإمام ، فنحن كلنا نعلم بأن الخشوع ميزة
حساسة جدا و أي تشويش بسيط قد يذهب الخشوع عن المصلين فما بالك بمن يقرأ
القرآن قربك و بصوت مرتفع بالإضافة إلي مكبر الصوت سبحان الله، ولتجنب كل
هذا نهي الرسول صلي الله عليه وسلم عن قراءة القرآن و بجانبك مصلي .و
الحديث التالي يؤكد ذلك قال صلي الله عليه وسلم:يوم يخرج على الناس وهم
يصلون ويجهرون بالقراءة فيقول "كلكم ينادي ربه فلا يجهر بعضكم على بعض لا
يؤذي بعضكم بعضا أو كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ و اسمع إلى [الإمام
مالك] ـ عليه رحمة الله ـ يوم يقول أرى في من يرفع صوته ويشوش على المصلين
أن يُضْرَْب ويُخْرَج من المسجد أنظر كيف أن الرسول علي الصلاة و السلم
نهانا عن شيء بينما نحن نعصيه ، و نحدث بدع ومحدثات و نقول بأنها جائزة
ماشاء الله ماهذا الهراء هل يسخرون منا
والقرآن كذلك نهانا عن إحداث في
الدين أشياء ومنها قوله عزوجل :وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا
نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ
الْعِقَابِ. سورة الحشر
وفي ماجاء
في وصف أهل البدع في القرآن الكريم إعتمادا علي أقوال المفسرين قوله جلا
جلاله: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ
يَأْذَن بِهِ اللَّهُ. [size=21]الشورى [/size]
و أسباب هذه البدع كما جاء في حديث
رسول الله:أن الإبتداع يستلزم واحداً من أمرين، وهما: إما أن يكون النبي
صلى الله عليه وسلم جاهلاً بكون هذا العمل من الدين، وإما أن يكون عالماً
بذلك ولكن كتمه، وكلاهما قدح في النبي صلى الله عليه وسلم، أما الأول فقد
رماه بالجهل بأحكام الشريعة، وأما الثاني فقد رماه بكتمان ما يعلمه من دين
الله تعالى.
الإبتداع يؤدي إلى تفريق الأمة
وتشتيتها واتخاذ كل واحد أو طائفة منهجاً يسلكه ويتهم غيره بالقصور، أو
التقصير، فتقع الأمة فيما نهى الله عنه بقوله: "وَلا تَكُونُوا
كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ
الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" ]آل عمران، وفيما
حذر منه بقوله: "إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا
لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيءٍ إِنَّمَآ أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ
يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ". الأنعام و
في الحقيقة لا أخفي عليكم ، هذا حدث معي ، حيث أني هجرت بعض المساجد في
مدينتني هذه ، و لا أدري كم مرا من الوقت و أنا علي هذه الحالة ، حقا صدق
الله ورسوله الكريم .
وفي النهاية نحن نطلب من هؤلاء أن
يأتونا بآية من القرآن الكريم فيها حث علي مثل هذه الطاعات ، أو حديث لرسول
الله صلي الله عليه وسلم ، إن كانت هناك آية أو حديث. إن لم تتوفر هذه
الشروط فنحن منهجنا كتاب الله وسنة نبيه مصداقا لحديث الرسول الكريم عن مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه".
أماحديث ، إن أصاب أو أخطأ فهذا الحديث ليس له علاقة بهذا الأمر